الجمعة، 3 مايو 2013




ســـــــر الـــحـــيـــــاة (بدايات القصة السرمدية )

تنويه خاص

سر الحياة هي مجموعة من الخواطر و القصص على صيغ مختلفة تلتقي بمراحل معينة من حياتي في الطفولة و الشباب و الكهولة .هي ليست مذكرات و لا سيرة ذاتية ، و إنما وقفات غير مرتبة كرونولوجيا استثارتها بعض تأملاتي في حياتي و حياة الناس ممن أعرف و ممن لا أعرف.الحلقة الأولى كانت بعنوان : طفل من خيال .الحلقة الثانية بعنوان:

                        بدايات القصة السرمدية (1)

لما كنت صغيرا سنح لي قربي من والدي يرحمه الله بالتعرف و الإقتراب من كثير من المواضيع التي لم يـُتـح لغيري التعرف عليها عن قرب و في ذلك السن. مواضيع الحرب و السلم ، و الغلاء و الرخاء ، و الفلاحة و الصناعة و التعليم و أسباب التقدم و التأخر وسُبـُل التنمية ... و غيرها من مواضيع الحياة . لكني سأخصص سطور اليوم لمواضيع الحب و الكره بين الرجال و النساء ، و ذلك في جزئين.

لقد كان استماعي لكثير من الرجال يشكون من عدم تذوقهم للسعادة في حياتهم الزوجية مثار آهتمامي .لم أكن و أنا ابن الست سنوات و ما قبلها و ما بعدها لأفهم كلامهم. و لكن مع تكرار المواقف اصبحت أشعر بمشكلاتهم و إن لم أفهمها. سحناتهم و قسمات وجوههم و تكرار أحاديثهم المريرة أشعرتني مبكرا بالخيبات التي كانت تستولي على هؤلاء الرجال إلى الحد الذي جعلهم يبدون أمامي أقزاما مقهورين خاضعين مستسلمين لأقدارهم ولنقل لزوجاتهم.

لما تشربت مرارتهم و عشت خيباتهم معهم ، غمرتني أسئلة بديهية ليس عن الأ سباب الكامنة وراء ما يعانونه بل عن أسباب تحملهم كل ذلك . بمعنى آخر ظللت لفترة طويلة أتساءل بمونولوجية مؤرقة و طفولة ساذجة:

كيف يعانون ما يعانون و هم الأشداء ، الأقوياء..أعني رجـــــــال؟

كيف لايــُــنهون مشاكلهم و هم يعرفون كل شيئ عن كل شيء ؟

أليسوا هم من يوجهوننا و يحلون كل مشاكلنا و كل المشاكل ؟ فلماذا لا يحلون مشاكلهم ؟ بالنسبة إلي كان الرجال لا يحلون المشاكل فقط بل يتصدون لها قبل أن تقع .الرجال عجيبون...

لكن...

كيف غُــُـلبوا و هم الغا لبون ؟

كيف لم يتمكنوا بهاماتهم الطويلة و أصواتهم الجـَهـْوَريـة من خلع قلوب من يعذبهم من تلكم النساء الغــــالبـــات ؟ أو برامــــــــل البارود كما كنت أسمع كثيرا...

كيف قــُهروا ممن يقهُره فأر... مجرد فأر ... مجرد فأر؟ كيف؟

احتكاكي بأولائك الرجال المقهورين جعلني اعرف لاحقا ان حالتهم تلك هي ما يعرف بالشقاء في الحياة الزوجية . و أن ما كانوا يبحثون عنه هو السعادة في الحياة الزوجية...

و تلك قصة أخرى.
يُتبع تحت عنوان : زبالة خيمي أو جنة الأطفال
 

الخميس، 2 مايو 2013

سر الحياة طفل من خيال




                                          


سر الـــحـــيـــــاة


تنويه خاص                                   
سر الحياة هي  مجموعة من الخواطر و القصص على صيغ مختلفة تلتقي بمراحل معينة من حياتي في الطفولة و الشباب و الكهولة .هي ليست مذكرات و لا سيرة ذاتية ، و إنما وقفات غير مرتبة كرونولوجيا استثارتها بعض تأملاتي  في حياتي و حياة الناس ممن أعرف و ممن لا أعرف.الحلقة الأولى  بعنوان : طفل من خيال .                                                                         




طفل من خيال


هي الحياة تاتي كما تأتي ...


ليس كما تريد هي لأنها لا تريد ولن تريد...


الحياة زمن لا كينونة له. فكيف تكون الإرادة لمن لا كينونة له ؟


كنت و لازلت أقول إن للحياة حقيقة شرحتها لنا الأديان و بعض الناس يقضون العمر في محاولات تعرفها و لكن للأسف كثير من الناس لا يعرفون حقيقة الحياة إلا عند الموت. بل إنهم مع الموت سيعـــــلمون تلك الحقيقة . فالناس نيام و إذا ماتوا استيقظوا . والفرق واضح بين " المعرفة " و" العلم" .لكن كيفما كان الحال،فمع وقوع الموت لا يفـرُق أن يعرف أو يعلم الإنسان سر الحياة في تلك فكلاهما سَـيّان . فهو لن ينتفع بتلك الحقيقة في ذاته . لهذا تراه يمضي إلى حيث يمضي الناس جميعا لينال جزاءه وفقا لما عاشه. فحياته بعد حياته موافقة لما كانت حياته قبل مماته .


لما كنت صبيا لم تكن حياتي شاغلي لأنها كانت هبة و عطاء قبليا لم أختره لأكون واعيا به .لهذا لم تشغلني حياتي و إن شغلتني فلم يكن ذلك بإرادتي. ما كان يشغلني مما يشغلني من الحياة هو حياة الآخرين: أشياء الكبار و أفكار الكبار و هموم الكبار آمال الكبار و لذات الكبار و أفراح الكبار و أسفار الكبار . وقوفهم و جلوسهم و نومهم و طريقة أكلهم و شربهم. نظراتي أسئلة سرمدية وحياتهم أسئلة بدون أجوبة شافية . لكن مع ذلك كنت أحاول فهم تلك الأوضاع و التصرفات من منطلق طفولي بسيط يعتمد ــ بشكل فطري غير واع ــ على القياس على الذات ، والإسقاط على الذات . فكنت كما أسترجع اليوم، أوفق بتصوري الطفولي في فهم وتضميد ما قد يعتري نفسي من آثار و جراح. فالجوع له علاقة مثلا بفراغ البطن. الإنسان يأكل ليشبع و يشبع ليعيش و نفس الشيء بالنسبة للعطش و النوم ...وبالمناسبة لم أفهم إلى اليوم لماذا كانت طريقة مضغ الإنسان الطعام تثير في نفسي الضحك .نعم طريقة مضغ الطعام كانت تثير في نفسي الضحك. نعم... هكذا. لعل ذلك مرجعه استحضار أو مطابقة واعية/غير واعية لصورة الإنسان تلك و طريقة أرانبنا ـ التي كان أبي يربيها في البيت ـ في مضغ الطعام أو طريقة أكل الكبش التي تلفت انتباهي كل سنة قبيل يوم عيد الأضحى.


طريقة لم أقصد فيها يوما مشابهة الإنسان بالحيوان كلا بل استحضار طفولي لطريقة أكل الإنسان كقاسم مشترك بينه و بين الحيوان .(مارست رقابة ذاتية صارمة في هذه الفقرة ؟؟؟)


أما الأسفار فكان يقوم بها الناس للتمتع بالركوب و قطع المسافات بدون جهد أو تعب كما كنت أفعل على قصبتي و على الجانطة أو الدورالفولاذي الذي استخرجه من عجلة السيارة المطاطي بعد حرقه ،أو عندما أركب صهوة أحلام اليقظة التي كانت تركبني بدورها دراجة خيالية تقودننى الى حيث اريد مما بلغه خيالي في السماء و الأرض .


و بمناسبة الحديث عن السماء كنت اجد راحتي على السحب الممددة في السماء لا أقصد السحب الداكنة التي تحجب السماء كلية فتلك كانت تخيفني وتمنعني من رؤية بيتي و أبي و أمي و اخوتي و أصدقائي و مراتعي. كنت أحب السحب الصافية المبددة على وجه السماء الازرق البهيج كنت أتخلص من أصحابي لأتمدد على العشب البريء وعلى يدي وفي فمي روائح البرتقال الشتوي والمخصص للعصير سواء منه ذاك الأصيل ذي اللون البرتقالي الصافي أو ذاك الملقم بالرمان و المغرق أو المشرب او المجدول بحمرة رُمانية داكنة أو خفيفة أحيانا .أتمدد على الأرض مؤخرة رأسي مدفونة في العشب ووجهي نحو السماء. عيناي على أصناف السحب البيضاء الثلجية فهي مركبي الوثير المتعدد " الماركات" مركبٌ كنت متيقنا انه لن يصلح للكبار . فلن تقوى تلك السحب الضعيفة إلا على حملي ، أما الكبار فلا.


لن تقوى تلك السحب اللينة على حمل الكبار بقاماتهم الممتدة و عظامهم الضخمة.


لن تقوى تلك السحب العذراء على حمل كره الكبار و عدوانية الكبار و أطماع الكبار و خبثهم ليس كل الكبار و لكن بعضهم .


لن تقوى تلك السحب التي في وزن الأحلام على حمل هموم الكبار و آمال الكبار و آلام الكبار.


لن تقوى تلك السحب المغموسة في إدام الخيال أن تحمل إلا أطفالا من خيال مثلي.





                                                  
      يــُــتــــــبع بعنوان:  بدايات القصة السرمدية (1)
 

الأربعاء، 1 مايو 2013

لا إله إلا الله


                                                        كلام للكلوم 03
                                  
 كلام للكلوم* …كلام ليس كالكلام …كلام الشوط الاكبر لرحلة الانسان …انحناءات حروف  لاحتواء  ألم  الروح  و  جراحات النفس .

*كُلوم…جمع : كلم أي : جُرح

                                                             


الكلاكسي اختياري


الكلاكسي اختياري



مرت مدة طويلة على آخر لقاء بها حين وجدتني جالسا قربها في الترام . بهرتني بشكلها و قد امتلأت أنوثة و رقة لا تكاد تخطؤها العين . إنا تذكرني بكبرى بناتي .


ـ هل تزوجت ؟


ـ لا ليس بعد


ـ هل أنت مخطوبة ؟


ـ لا ليس بعد


توقفت أسئلتي خوفا من سماع " لا " ثالثة و أشحت بوجهي نحو الفضاء الذي أتاحه لي الترام و هو يمر على قنطرة الحسن
الثاني على نهر أبي رقراق و الرابطة بين مدينة سلا و مدينة الرباط العاصمة المغربية .





الحقيقة أني كنت أتظاهر بالنظر إلى انسياب النهر في البحر و اختلاط الأُُجاج بالفـُرات .اختلاطا يطابق اختلاط الأفكار في ذهني حول ما سمعته قبل لحظات من الفتاة .


ترددت كثيرا قبل معاودة الكلام . لكني نظرت إلى الساعة و حسبت خمسة عشر دقيقة قبل وصولي الى مقصدي . و عندها سألتها:

ـ لم أفهم كلامك . أخبرتني في آخر مكالمة بيننا منذ أشهر أنك على وشك الإرتباط وأكدت على ضرورة حضوري في الخطوبة القريبة و...


قاطعتني بأدبها المعروف و نظرت إلى ساعتها هنيهة . و انطلقت في حديث مركز بل في بوح رقيق شفاف . استمرت لدقائق اعتقدت أنها ساعات بسبب كثرة المعلومات و الآهات التي تخللت عرض المعلومات. آهات تنم عن ضيقها في القدرة على اتخاذ قرار في مُـلماتها ، و حيرتها في صواب القرار الذي قد تصل إليه في لحظة من اللحظات .


كانت تتحدث بحرقة عن حالها و عن موقف أهلها من الموضوع.فقد أصبحت كما أخبرتني عصبية المزاج إلى الحد الذي جعلها لا تتحمل ليس الآخرين بل نفسها . أكدت لي أن "الآخرين " في لحظة من اللحظات شمل أسرتها الصغيرة أيضا .


لم أنتظر سماع ما سمعت منها .و لم أكن أتخيل أنها وصلت إلى ما وصلت إليه . لم أهتم بخواطري لأنني كنت أنتظر منها معلومة واحدة و هي : لماذا لم يتقدم لخطبتها ؟


لم أترد في طرح السؤال عليها .لكن ما ان وقع في أذنيها حتى نظرت إلي نظرة تعجب كأنها إما أنها لم تكن تنتظر ذلك السؤال، أو أنها تعجبت كيف فاتها أن تشير إلى المشكل في نهاية حديثها الأول . نظرت إلي دون أن تنطق بكلمة .نظرت إليها كذلك رافعا حاجبي كأنني أقول لها: هذا ما حدث ؟ استمررت في النظر إليها مبتسما  معلنا بذلك استعدادي لسماع المزيد . سكتت قليلا ثم استعادت زمام المبادرة لكنها توقفت عندما حولت وجهي عنها أنظر إلى المحطة التي وصلها الترام. سكتت قليلا و هي تنظر إلي تارة و إلى المحطة التي توقف فيها الترام تارة أخرى .نظرت إليها مبتسما كما الأول رافعا حاجبي ، و رافعا خافضا رأسي . أشارت ببنانها إلى المحطة وهي ناظرة إلي . أغمضت عيني مبتسما و فتحتهما فما كان منها إلا أن ابتسمت و قد اغرورقت عيناها و ارتفع صدرها بأنفاس متسارعة و متتابعة . قبضت على يديها لتتمالك نفسها فتمالكتها و بعد هنيهة بدأت في التكلم :

ـ ليس مهما كيف تعرفت عليه المهم أنه أحبني و احببته حبا شديدا و تواعدنا على الزواج . ولما هم بالقدوم لخطبتي أخبرني انه و قع له طاريء .لقد أصيب بمرض ...أصيب ...

انهارت هذه المرة دون ان تتمكن يدي من منعها من ذلك ولم أحاول . أستخرجت من جيب سترتي منديلا ورقيا و حيدا حمدت الله أنه قضى حاجتها في مسح دموعها و...
بعد لحظات استعادت هدوءها لكنها ترد دت في الإفصاح عن ماهية المرض الذي أصابه .حاولت مساعدتها بسرد لائحة من الأمراض المعروفة فكانت تنفي . تركز اهتمامي على احتمال إصابته ببعض الأمراض الشخصية جدا و عوض الخوض في ذلك سالتها :


ـ هل ذلك المرض يمنعه من الزواج ؟

ـ نعم 


ـ هل ذلك المرض يمنعه من الإنجاب ؟


ـ نعم


اطرقت مفكرا في المشكل متخيلا مدى الألم الذي تتحمله و يتحمله ذلك الرجل . بل هو ألمان : ألم الإصابة و ألم المعذبة بسببه . فقلت :


ـ إنه يتعذب لأجلك و لأجله أليس كذلك؟


أطرقت المسكينة

و قد عاودتها حالة البكاء من جديد . و لعلها كانت أشد و أقوى لأنها فجرت فيها كل الكوامن .




لقد و جدت ليس من تفضي إليه بأسرارها فقط و لكن و جدت من يفهمها ويحس بها و هذا يعز وجوده في هذه الأيام . قد تجد من الناس يستمع إليك و قد تجد من يخفي سرك ، أما من يفهمك و يحس بك فقليل ما هم .

شعرت أنني كنت قاسيا دون أن أقصد فطأطأت رأسي خجلا.

 بعد مرور عاصفة الدموع عدت للموضوع مرة أخرى ...

ـ آآآآآسف ؟

ـ لا عليك...إنك لم تقصد أعرف ذلك ...

تنهدت و أردفت  


 ـ أنا أحس به و لكن ما باليد حيلة . تصور لقد حدث ما حدث قبيل أيام من الخطبة .

ـ هل تحبينه ؟

نظرت إلي كأن لسان حالها يقول :و هل هذا سؤال يا أستاذ ؟أنا كل حديثي عنه منذ أن التقيت بك ؟ ألا يكفي لتفهم عاطفتي نحوه ؟

الحقيقة انني فهمت ما كان يدور في ذهنها و لكن هدفي من السؤال هو الإنتقال إلى مستوى آخر من النقاش .

ـ أعرف ذلك ،و لكن أقصد هل يمكنك انتظاره ؟

ـ نعم يمكنني ذلك فليس من اللائق التخلي عنه في هذه الظروف ،لا يمكن ...

ـ أقول لك ؟ إن كان يحبك فعلا ،عليه أن لا يتركك تضيعين الفرص المتاحة .فأنت شابة مليحة لن يتأخر الخطاب عنك كثيرا .

ـ لا ،لا لا يمكني التخلي عنه بعد و قوع الأزمة . حتى و إن قرر ذلك .بل لقد قرر ذلك لكني رفضت.

ـ اسمعي إن الزواج لا يـُبنى على الرحمة و الشفقة و العطف . المشكل ليس في التخلي او عدم التخلي عنه المشكل في حديثنا هو سلامة الموقف . افرضي أنه جاء إلى أهلك و خطبك ثم تبين لك أمر آخر، ألن تراجعي نفسك ؟ .إن من حق كل طرف ان يتراجع لأن الخطبة وعد بالزواج و ليس زواجا . إن كان ماتقولينه صوابا فلن تفسخ خطبة و لن يتراجع طرف أبدا .


من المهم استحضار الجوانب الإنسانية في علاقاتنا و لكن في حدود نسبية كما تعلمين و لا داعي للمغامرة . لا تورطي نفسك في احداث لم تصنعيها .لا تضخمي الأحداث بالشكل الذي يخلق فيك عقدة ذنب . إن الزواج مؤسسة عتيدة لا تبنى على قضايا القلب فقط ، بل أيضا على منطق العقل .إن مقتضيات العطف و الشفقة تزول بزوال أسبابها كما هو معروف .عواطف الشفقة و العطف لن تقوى وحدها على مواجهة الهزات و الرجات التي تعصف بالحياة الزوجية من حين لأخر . كلا بل قد تساهم في القضاء عليها . اسألي المتزوجين ممن سبقك. لا أقول إن تلك العواطف لا مكان لها في الحياة الزوجية.  لا، و لكن في الحدود التي لا تؤِدي إلى المفسدة . مثلها مثل الحب . إنها وصفات مضبوطة لكيمياء حياة زوجية سعيدة .



ظلت صامتة طول مدة كلامي .فأردفتُ :


ـ إننا في بعض الأحيان نتورط ـ ليس في علاقات حقيقية ـ ولكن في أحاسيس غير صحيحة و نحن نربط العلاقات بالآخر .




هناك إذن علاقات و عواطف في الموضوع فلا ينبغي الخلط بينهما . المشكل أننا لا نلبث في الغالب أن نخلط استنتاجاتنا تجاه المواقف بقرارات حول العواطف ، كما قد يحدث بين الطبيب و المريضة أو بين الأستاذ و الطالبة و بين الرؤوس و مرؤوسته . فالإحساس بالآخر و السؤال عنه و حمل المودة و الحب له وإظهار ذلك له  قد يصنع لدى الآخر إحساسا خادعا بالحب (أقصد الحب الذي قد يفضي إلى ربط علاقة قريبة ربما قد تفضي إلى الزواج ) فكثيرا ما تتحول المودة إلى حب و الإعجاب إلى حب ،  و من ثم إلى عشق .فالحدود الفاصلة موجودة بينها طبعا لكنا رفيعة. وهكذا تتحول استنتاجاتنا و نحن في مجال العلاقات إلى قرارات في مجال العواطف . فيحب الطبيب المريضة أو العكس و الأستاذ الطالبة أو العكس ... المهم أننا نضع أنفسنا بأيدينا في المتاهة ، معتقدين أن عمق علاقتنا دليلعلى صدق مشاعرنا. و قد يُحب كلانا الآخر من نفس المنطلق الخاطيء ( ليتبين الخلل بعد ذلك و قد ارتبطنا و ربما نتج عن الزواج "الخطأ" أطفال .و ياما نشأت أسر من هذا المنطلق ).




و المشكل أنه في حال و جود بعض الشكوك فإننا نحشد ما يمكن من المؤيدات التي تسند ذلك الموقف .بل إننا خوفا من ألم الإستيقاظ على الحقيقة المرة فإننا نلجأ إلى التخدير ، أي أننا نصطنع العيش السليم و السعادة الكاملة و نحن غير ذلك .



استمعي لأحلام نوم كل منا،







أنظري إلى ملابسنا و ألوان ملابسنا







تأملي نوعيات أكلنا و كميات أكلنا

أحضري أفراحنا و أعراسنا


تأملي مقتنياتنا ...


إنها تنبيء عن هروب إلى الأمام في كثير من الأحيان ، إنها تكاد تكون سلوكات مقنعة برانية تخفي و راءها عواطف و مشاعر و أحاسيس جوانية غير سليمة ، أو لنقل غير مدروسة .






و صل الترام إلى محطة نهاية الخط و في القلب بقية من الموضوع. نزلنا إلى الرصيف و انتظرت أي كلام منها و قبل أن تقول كلمة بادرتها بسؤال :


ـ هل الألفة هي الحب ؟ و هل الكلام المعسول من الطرفين هو التفاهم ؟ و هل الكلمات المنمقة و الأبيات المرتجلة أو المنقولة برهان الحب ؟




هل تعرفين كيف تميزين بيت الحب و الشفقة ؟


. سأتركك تجيبين على كل الأسئلة مع نفسك و لكن سأساعدك على العثور على جواب السؤال الأخير.

إن لكل فتاة مواصفات لفتى أحلامها . خذي ورقة وقلما وعددي تلك الصفات بدون كرم ثم قارنيها بصفات من هو متوفر لديك .إن وجدت النتيجة مقبولة فاحسمي أمرك بالقبول أو الرفض و إن وجدت غير ذلك فاحسمي أمرك بالرفض دون تأنيب من الضمير و لن تندمي . و لا تكوني كمن يفرح دون أن يدري لماذا و لا كالذي يتزوج دون أن يفهم ما هو بصدده . لا تكوني كالأطرش في الزفة كما يقال .

 و قبل أن أنهي كلامي تذكرت شيئا طريفا . ففاجأتها قائلا :


ـ ألا زلت تحبين شكلاتة الكلاكسي .


و بدون أن تفهم العلاقة بموضوع الحديث قالت نعم وضحكت لأول مرة منذ أن التقينا


ـ إنك تحبين شكلاتة الكلاكسي لأنها تعجبك دون غيرها ، و لأنها تلبي كل شروطك، هذا قرارك ؟ فأنت لا تبغين عنها بديلا كما عهدتك. أليس كذلك ؟ قالت نعم و هي تقهقه.


و في هذه اللحظة استخرجت من جيب محفظتي قطعة كلاكسى . مدت يدها كطفلة صغيرة لتأخذها و قبل أن تظفر بها قلت :


ـ ليكن موقفك ممن تحدثنا عنه كموقفك من شكلاتة الكلاكسي :اختاري بحرية و ارفضي بحرية ما دامت هناك إمكانية .وليكن شعارك دوما :الكلاكسي اختياري.



الحب


                                                        
                                                        كلام للكلوم 02
                                  
 كلام للكلوم* …كلام ليس كالكلام …كلام الشوط الاكبر لرحلة الانسان …انحناءات حروف  لاحتواء  ألم  الروح  و  جراحات النفس .

*كُلوم…جمع : كلم أي : جُرح



                             الـــحُـــــب        
                   الحب نعمة من الله لكن الإنسان هو من يـُـغـذيه.